دليل السافر العبيط جدا ههههههههههههههههههههههههههههههههه
طرت من الفرح عندما سمعت أن الخارجية المصرية أصدرت «دليلاً للمسافر المصري»، بعد عشرين سنة من «اقتراحي» لهم، عندما هاجرت من فرنسا إلي أمريكا كفرنسي، ووجدت بالخارجية الفرنسية «دليلاً للمسافر الفرنسي»، اشتريت وقتها ٢٠ نسخة، وأهديتها إلي كبار المسؤولين في مصر، من د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب إلي د. بطرس غالي وزير الهجرة وقتها، إلي مدير الجوازات والجنسية، أملاً في تطبيقه أو تقليده يوماً!
وكانت المفاجأة، ولن أقول الصدمة، عندما تصفحت بالأمس «الدليل المصري» الصادر هذا الشهر، وأقل ما يوصف به: أنه عمل لا يليق باسم، وسمعة، ومكانة الخارجية المصرية.
«فالدليل» معظمه «إرشادات» عبيطة، و«نصائح» خايبة، و«تحذيرات» هبلة، إلا قليلاً.. وها هي بعضها، أنقلها لكم حرفياً:
١- جواز سفرك أمانة بين يديك فحافظ عليه.
٢- لا تحاول الدخول إلي أي بلد أجنبي دون تأشيرة.
٣- الابتعاد عن الأشخاص الذين يعرضون عليك السفر دون تأشيرة.
٤- يجب أن تكون تذكرة السفر صالحة للذهاب والعودة.
٥- احتفظ بتذكرة السفر في مكان أمين.
٦- لا تحمل مواد مخدرة عند السفر.
٧- لا تضع نفسك موضع الشبهات.
٨- الابتعاد عن الأماكن غير الصحية، والمأكولات التي يمكن أن تنقل لك الأمراض.
٩- احذر التعامل مع جهات غير مرخص لها من وزارة القوي العاملة.
١٠- تأكد من أن رصيدك بالبنك يغطي رحلتك، وما قد يحدث من مواقف طارئة..
بالذمة ده كلام نخاطب به الناس والشباب في الألفية الثالثة؟.. ومن يجهل هذا «الهبل»؟.. وهل هذا يحتاج إلي ٢٢٠ صفحة، أم أن الموضوع «بسبس» إعلانات؟
مئات الإعلانات عن «مطاعم» في مصر، ودور سينما في مصر، ومنتجعات في مصر، وكأن الشباب هيسافر لمصر وليس للخارج.
تعالوا نتصفح دليل «المسافر الفرنسي».. «بلاش الفرنسي».. ولنتصفح «دليل المسافر المغاربي» «جزائري.. تونسي.. مغربي» لنري الفوارق:
أولاً: عبارة عن ٥٠ صفحة * الموضوع، ولا توجد به إعلانات مطلقاً، ويباع بسعر التكلفة «ما يعادل ٢ يورو».. يبدأ بكلمة مسؤول الهجرة بالخارجية، يلح فيها علي المسافر «المغاربي» بضرورة الاتصال بالقنصليات، والسفارات، والمكاتب التجارية، وفروع البنوك، والتجمعات والأندية، والأهم بممثليه في المجالس النيابية ويتمني للمسافر النجاح، وتحت الكلمة أرقام تليفوناته الثابتة، و«المحمول للطوارئ».
ثانياً: بالصفحات التالية: أسماء وتليفونات «نواب مجلس الأمة» المعينين والمختارين من المغتربين (في الجزائر ٩ نواب، يمثلون ٣ ملايين مغترب جزائري حول العالم.. وللمغاربة ٦ نواب لـ ٢.٥ مليون.. وللتوانسة ٣ نواب لـ ١.٥ مليون).. هم حلقة الوصل بين المغتربين ووطنهم الأم، هم لسان حالهم، وناقلو أفكارهم ومقترحاتهم، والمدافعون عن حقوقهم ومصالحهم..
أما نحن في «المحروسة» فلا تعرف «أي جهة» عدد المغتربين المصريين، حتي الخارجية «تخمن» العدد من ٧ إلي ١٠ ملايين.. وبالطبع لا يوجد تمثيل لهم بالمجالس النيابية ـ رغم اقتراحي ذلك علي الرئيس مبارك بمكتبه عام ٩٢ وأمام الوزير عمرو موسي، ولم يحدث شيء!
ثالثا: بالفصل الثالث تجد عناوين وتليفونات القنصليات «المغاربية»، وما عليك إلا التسجيل بها لتحصل علي «كارت قنصلي» يمنحك الحق في:
١- استخراج جواز سفر فوري إذا فقدت جوازك.
٢- محام تحت أمرك مجاناً عند أي قضية.
٣- انتقال القنصل أو من ينوبه إذا تعرضت لمشكلة.
٤- حق التصويت، والانتخاب للرئيس أو الملك، ولنوابك وأنت بالخارج بمبني السفارة.
٥- بالقنصليات «المغاربية» مندوب تسويق «يمثل القطاع الخاص» لعرض المشروعات المدروسة والمتاحة بالوطن الأم بعيداً عن النصابين والحرامية.
كما توجد «بروشيرات» إعلانية لمحال الحلويات، والجزارات الإسلامية، وحتي مطاعم «الكسكسي»، وعناوين المكتبات والأكشاك المتخصصة في الكتب، والكاسيتات، والمجلات والجرائد «المغاربية».
أبناء «المحروسة» في المهجر محرومون من حق الانتخاب، رغم مطالبة «الرئيس» للحكومة عام ٨٤ بمؤتمر المغتربين بممارستهم هذا الحق «٢٤ سنة والرئيس يطالب!!».. وطبعاً لا يوجد كارت قنصلي للمصريين، ولا محام، ولا تليفونات بترد، وكله بالعلاقات الشخصية!
رابعاً: بالفصل الأخير عندهم عنوان «مكتب استقبال العائدين».. بعد ٢٠، ٣٠ سنة هجرة وغربة وترغب في العودة للاستثمار والحياة علي أرض بلدك الأصلي.. ها هو «المكتب» الذي تلجأ إليه لتسهيل دخول أبنائك المدارس، ومعادلة شهادتهم، ولعودة التأمين الصحي، والاشتراك في المعاش.. إلخ.
وهذا بالضبط ما أنادي به من ربع قرن كمطلب لمليون مصري مغترب راغبين في العودة للاستثمار علي أرض مصر، مدخراتهم ١٠٠ ألف يورو متوسط للواحد * مليون مغترب = ١٠٠ ألف مليون يعني ما يقرب من تريليون جنيه، والأهم خبراتهم والثقافة المحترمة التي اكتسبوها لقيمة العمل، وقبول الآخر، واحترام القانون، بالإضافة إلي خلق ٥ فرص عمل بكل مشروع * مليون = ٥ ملايين فرصة تكفي لكل العاطلين من شبابنا.
باختصار: عيب علي الخارجية المصرية المالكة لأكبر عدد تمثيل دبلوماسي حول العالم «أكتر من فرنسا مثلاً» ـ وتضع اسمها علي «دليل» هايف لا يعالج الموضوع.. والموضوع يتلخص في «ست» مشاكل تواجه المسافر والمغترب المصري، وكلها مشاكل عبيطة، وحلولها موجودة، وسهلة، وهايفة، ويمكننا الاسترشاد بتجربة الجزائر أو تونس أو المغرب «لكن من الواضح إن كله» بيستسهل، أو بمعني أدق «بيستعبط»، و«بيستهبل»، و«بيسترزق»،، والحق مش عليهم!!